كلمة المدير العام

     

    تعتبر المديرية العامة للمصالح العقارية من أقدم المؤسسات الخدمية العاملة في سورية، فقد تأسس السجل العقاري منتصف العشرينات من القرن المنصرم في ظل الانتداب الفرنسي في سورية، "باعتبار أن طريقة تسجيل الحقوق على الأراضي والتي كانت تعرف بـ (الدفتر خانة) غير كافية في أساسها، كونها غير قائمة على تعيين العقارات بشكلٍ كافٍ، إضافة إلى أن المساحة المعينة غير مضبوطة ومخمّنة من قبل أصحاب الشّأن، وأن تسجيلات الدفتر خانة والسندات المعطاة ليست موضوعة على أساس قانوني واضح، وهذا النقص لا يضمن سلامة الحقوق في المعاملات العقارية.

    تحقّق القرارات الأربعة الناظمة لأعمال التسجيل والقيد العقاري، وحدة القانون الأساسي للعقارات، فالقراران الأول والثاني اللذان يُنشأ بموجبهما لجان تحرير وتحديد  ما هي إلا سكب فحوى القرارات المحلية التي اتخذها رؤساء الدول الواقعة تحت الانتداب في حينه. أما القراران الثالث والرابع فهما يتعلقان بالسجل العقاري، وكانا مدار بحث مطوَّل في الدوائر ذات الصلاحية في الدول الخاضعة للانتداب، وقد شُكِّلت لهذه الغاية لجنة خصوصية بالأمر رقم 417 تاريخ 26 تشرين الثاني 1925 من ممثلين لهذه الدول، للبحث عن التدابير اللازمة لتأمين وحدة الرأي في المسائل العقارية بينها.

     إن هذه المقدمة تم اقتباسها من الأسباب الموجبة التي قدّمها الوزير المفوض وأمين السر العام "دي ريفي"، مرفقةً بالقرارات الأربعة المؤرخة في 15 آذار 1926 والتي ولقد تم إيرادها في المقدمة التاريخية في هذا التقرير، للتأكيد على أن الأسس القانونية التي قام عليها السجل العقاري في سورية إنّما هو نابع من أسس وطنيّة، درءاً للتذرع بأن هذه القرارات إنّما هي صنيعة الدولة صاحبة الانتداب، ويؤيد ذلك عدم تطبيق مثل هذه القرارات في فرنسا بالذات.

    لقد كان الإصرار على إصدار مثل هذا التقرير في هذا الوقت بالذات بغرض الوقوف على الواقع الحالي للمصالح العقارية، بشكل موجز مع تقديم خلاصة عن الأعمال والأشغال التي تمت خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في سبيل جعل هذا التقرير نقطة إنطلاق، وبداية لمرحلة جديدة لتطور هذا المرفق الحكومي الهام.

    بعد صدور القانون رقم /7/ تاريخ 21/2/2010 وربط المصالح العقارية بوزارة الإدارة المحلية، جرت عدة دراسات وأبحاث تتمحور حول الارتقاء بأداء المصالح العقارية، إن كان من حيث تطوير أدواتها وعصرنتها، أو من حيث علاقتها مع الجهات الحكومية الأخرى، باعتبار السجل العقاري ومخططاته المتممة له يشكل أحد الدعائم الأساسية في الحكومة الإلكترونية.

    بدأ التفكير بمشروع أتمتة المصالح العقارية في مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم، ولكن كافة المحاولات منذ تلك الفترة لم تُؤتِ ثمارها لأسباب مختلفة، ومهما كانت هذه الأسباب فإن النتيجة هي التعثر بتنفيذ هكذا مشروع، يمس وبشكل مباشر الحقوق العقارية، التي تعنى بالحفاظ وآمان تداول الأصول الثابتة للأفراد والدولة على حد سواء،  لعل التحليل المنطقي للأسباب وراء تعثر هذا المشروع والتي تبلورت خلال السنوات الثلاث الماضية هو غياب التخطيط الواقعي والمنهجي لهذا المشروع الاستراتيجي، وتلازمه بشكل مباشر بتطوير أدوات العمل ومفاهيم تقنية أصبحت تاريخية.

     

    إن الإيمان بجدوى هذا التقرير وما يحتويه في طياته من ملامح للخطة المستقبلية للارتقاء بأداء المصالح العقارية له ما يبرره وذلك لعدة أسباب نذكرها:

    1. الوصول لفهم أعمق لأسباب التعثر المحاولات السابقة، من خلال مراجعة شاملة وتقييم لكافة الدراسات والأبحاث المنجزة.
    2. الوصول خلال العامين الماضيين لتوصيف الوضع الراهن للمصالح العقارية خاصة لجهة آليات العمل واجراءاته، ووضع مجموعة أهداف قصيرة وبعيدة الأمد.
    3. توصيف الوضع الراهن للجانب الهندسي العقاري وأولويات تطويره.
    4. التوصل إلى اتفاق حول إطار العمل التنفيذي وتأسيس شراكة تقنية مع إحدى مؤسسات القطاع العام التي يعوَّل عليها في المساعدة للمضي قدماً في تنفيذ مشروع الأتمتة.
    5. الحاجة الملحة والتي أصبحت تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى على تطوير أداء المصالح العقارية، والرعاية الحكومية المباشرة لهذا المشروع الاستراتيجي.

    لهذا كان لابد من إعداد تقرير لعرض الوضع الراهن مدعَّماً بخطة مشاريع تنفيذية تفصيلية لتطوير وأتمتة المصالح العقارية، يكون بمثابة حجر الأساس لهذه المرحلة الهامة، التي يُتوقّع أن تكون المنعطف الحقيقي في أداء المصالح العقارية، بما ينعكس إيجاباً في تعزيز دور السجل العقاري، ورفع سوية الثقة التي حاز عليها هذا السجل ووثائقه المتممة ومنها المخططات العقارية كمكوِّن أساسي.

    إن الأعباء الملقاة على العاملين في هذا القطاع كبيرة، تتناسب مع حجم الطموح المتوقع، ولا بد للمضي قدماً في هذه المرحلة من العودة للنظر بالتشريعات والأنظمة العقارية كما من الضروري إعادة هندسة إجراءات العمل والهياكل التنظيمية والإدارية، إضافة لإيجاد المنافذ القانونية لتحفيز العاملين ماديّاً ومعنويّاً كونهم المكون الأساسي للتنفيذ.

    المدير العام للمصالح العقارية

          المهندس عبد الكريم ادريس

     

     

    معرض الصور

    • Damfairs1
    • jquery slider
    • 11_0.jpg
    • facit
    • fascul
    wowslider by WOWSlider.com v8.7

    المناطق العقارية